mercredi 22 avril 2015

رسالة الإمام الحسن البصري الى أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز في صفة الإمام العادل


رسالة الإمام الحسن البصري الى أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز في صفة الإمام العادل










رسالة الإمام الحسن البصري الى أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز في صفة الإمام العادل 

من رسائل الحسن البصري إلى عمر بن عبد العزيز


كتاب الحسن البصري إلى عمر بن عبد العزيز بصفة الإمام العادل

ولما ولى عمر بن عبد العزيز الخلافة كتب إلى الحسن البصري أن يكتب إليه بصفة الإمام العادل، فكتب إليه الحسن رحمه الله:
" اعلم يا أمير المؤمنين أن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل، وقصد كل جائر، وصلاح كل فاسد، وقوة كل ضعيف، ونصفة كل مظلوم، ومفزع كل ملهوف. والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالراعي الشفيق على إبله، الرفيق الذي يرتاد لها أطيب المرعى، ويذودها عن مرات  الهلكة، ويحميها من السباع، ويكنفها من أذى الحر والقر، والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأب الحاني على ولده، يسعى لهم صغارا ويعلمهم كبارا، يكتسب لهم في حياته. ويدخر لهم بعد مماته. والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البرة الرفيقة بولدها، حملته كرها، ووضعته كرها، وربته طفلا، تسهر بسهره، وتسكن بسكونه، ترضعه تارة، وتفطمه أخرى، وتفرح بعافيته، وتغتم بشكايته. والإمام العدل يا أمير المؤمنين وصي اليتامى، وخازن المساكين يربي صغيرهم، ويمون كبيرهم. والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوانح، تصلح الجوانح بصلاحه، وتفسد بفساده. والإمام العدل يا أمير المؤمنين هو القائم بين الله وبين عباده يسمع كلام الله ويسمعهم، وينظر إلى الله ويريهم، وينقاد إلى الله ويقودهم، فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما ملكك الله كعبد ائتمنه سيده، واستحفظه ماله وعياله، فبدد المال، وشرد العيال، فأفقر أهله، وفرق ماله. واعلم يا أمير المؤمنين أن الله أنزل الحدود ليزجر بها عن الخبائث والفواحش، فكيف إذا أتاها من يليها؟ وأن الله أنزل القصاص حياة لعباده، فكيف إذا قتلهم من يقتص لهم؟ واذكر يا أمير المؤمنين الموت وما بعده، وقلة أشياعك عنده، وأنصارك عليه، فتزود له، ولما بعده من الفزع الكبر. واعلم يا أمير المؤمنين أن لك منزلا غير منزلك الذي أنت فيه، يطول فيه ثواؤك، ويفارقك أحباؤك، ويسلمونك في قعره فريدا وحيدا، فتزود له ما يصحبك يوم يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه. واذكر يا أمير المؤمنين إذا بعثر ما في القبور، وحصل ما في الصدور، فالأسرار ظاهرة، والكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فالان يا أمير المؤمنين وأنت في مهل، قبل حلول الأجل وانقطاع الأمل، لا تحكم يا أمير المؤمنين في عباد الله بحكم الجاهلين، ولا تسلك بهم سبيل الظالمين، ولا تسلط المستكبرين على المستضعفين، فإنهم لا يرقبون في مؤمن إلا  ولا ذمة، فتبوء بأوزارك وأوزار مع أوزارك، وتحمل أثقالك وأثقالا مع أثقالك، ولا يغرنك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك، ويأكلون الطيبات في دنياهم بإذهاب طيباتك في آخرتك. لا تنظر إلى قدرتك اليوم، ولكن انظر إلى قدرتك غدا، وأنت مأسور في حبائل الموت، وموقوف بين يدي الله في مجمع من الملائكة والنبيين والمرسلين، وقد عنت الوجوه للحي القيوم. إني يا أمير المؤمنين وإن لم أبلغ بعظتي ما بلغه أولو النهي من قبلي فلم آلك شفقة ونصحا، فأنزل كتابي إليك كمداوي حبيبه بسقيه الأدوية الكريهة، لما يرجو له في ذلك من العافية والصحة، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته".


رسالة الحسن البصري إلى عمر بن عبد العزيز


وكتب الحسن البصري إلى عمر بن عبد العزيز رحمهما الله:
"أما بعد، اعلم يا أمير المؤمنين أن الدنيا دار ظعن، وليس بدار إقامة، وإنما أهبط إليها آدم من الجنة عقوبة، وقد يحسب من لا يدري ما ثواب الله أنها ثواب، ومن لم يدر ما عقاب الله أنها عقاب، ولها في كل حين صرعة، وليس صرعة كصرعة هي تهين من أكرمها، وتذل من أعزها، وتصرع من آثرها، ولها في كل حين قتلى، فهي كالسم يأكله من لا يعرفه وفيه حتفه، فالزاد فيها تركها، والغني فيها فقرها، فكن فيها يا أمير المؤمنين كالمداوي جرحه: يصبر على شدة الدواء، مخافة طول البلاء ويحتمي قليلا، مخافة ما يكره طويلا، فإن أهل الفضائل كانوا منطقهم فيها الصواب، ومشيهم بالتواضع، ومطعمهم الطيب من الرزق، مغمضى أبصارهم عن المحارم، فخوفهم في البر كخوفهم في البحر، ودعاؤهم في السراء كدعائهم في الضراء، لولا الآجال التي كتبت لهم، ما تقاوت أرواحهم في أجسادهم خوفا من العقاب، وشوقا إلى الثواب، عظم الخالق في نفوسهم، فصغر المخلوقون في أعينهم.
واعلم يا أمير المؤمنين أن التفكر يدعو إلى الخير والعمل به، وان الندم على الشر يدعو إلى تركه، وليس ما يفني وإن كان كثيرا بأهل أن يؤثر على ما يبقى وأن كان طلبه عزيزا، واحتمال المئونة المنقطعة التي تعقب الراحة الطويلة خير من تعجيل راحة منقطعة تعقب مئونة باقية، وندامة طويلة. فأحذر هذه الدنيا الصارعة الخاذلة القاتلة التي قد تزينت بخدعها، وفتكت بغرورها، وخدعت بآمالها، فأصبحت كالعروس المجلوة؛ فالعيون إليها ناظرة، والقلوب عليها والهة، والنفوس لها عاشقة، وهي لأزواجها كلهم قاتلة، فلا الباقي بالماضي معتبر، ولا الآخرة لما رأى من أثرها على الأول مزدجر، ولا العارف بالله المصدق له حين أخبره عنها مدكر، قد أبت القلوب لها إلا حبا، وأبت النفوس لها إلا عشقا، ومن عشق شيئا لم يلهم غيره، ولم يعقل سواه، مات في طلبه، وكان آثر الأشياء عنده فهما عاشقان طالبان مجتهدان؛ فعاشق قد ظفر منها بحاجته فأغنته، وطغى ونسى ولها، فغفل عن مبتدإ خلقه، وضيع ما إليه معاده، فقل في الدنيا لبثه حتى زالت عنه قدمه، وجاءته منيته على أسر ما كان منها حالا وأطول ما كان فيها أملا، فعظم ندمه، وكثرت حسرته، مع ما عالج من سكرته، فاجتمعت عليه سكرة الموت بكربته، وحسرة الفوت بغصته، فغير موصوف ما نزل به. وآخر مات من قبل أن يظفر منه بحاجته، فمات بغمه وكمده، ولم يدرك فيها ما طلب، ولم يرح نفسه من التعب والنصب، فخرجا جميعا بغير زاد، وقدما على غير مهاد، فاحذرها يا أمير المؤمنين الحذر كله، فإنما مثلها كمثل الحية، لين مسها، تقتل بسمها، فأعرض عما يعجبك فيها، لقلة ما يصحبك منها، وضع عنك همومها، لما قد أيقنت من فراقها، واجعل شدة ما اشتد منها رجاء ما ترجو بعدها، وكن- عند أسر ما تكون فيها- أحذر ما تكون لها؛ فإن صاحب الدنيا كلما اطمأن منها إلى سرور، صحبته من سرورها بما يسوءه، وكلما ظفر منها بما يحب انقلبت عليه بما يكره، فالسار منها لأهلها غار، والنافع منها غدا ضار، وقد وصل الرخاء فيها بالبلاء، وجعل البقاء فيها مؤديا إلى الفناء، فسرورها بالحزن مشوب، والناعم فيها مسلوب.
فانظر يا أمير المؤمنين إليها نظر الزاهد المفارق، ولا تنظر نظر المبتلى العاشق، واعلم أنها تزيل الثاوي الساكن، وتفجع المترف فيها الآمن، ولا ترجع ما تولى وأدبر، ولا بد ما هو آت منها ينتظر، ولا يتبع ما صفا منها إلا كدر، فاحذرها فإن أمانيها كاذبة، وآمالها باطلة، وعيشها نكد، وصفوها كدر، وأنت منها على خطر، إما نعمة زائلة، وإما بلية نازلة، وإما مصيبة فادحة، وإما منية قاضية، فلقد كدرت المعيشة لمن عقل، فهو من نعيمها على خطر، ومن بليتها على حذر، ومن المنية على يقين.
فلو كان الخالق تبارك وتعالى لم يخبر عنها بخبر، ولم يضرب لها مثلا، ولم يأمر فيها بزهد، لكانت الدنيا قد أيقظت النائم، ونبهت الغافل، فكيف وقد جاء عن الله عز وجل منها زاجر، وفيها واعظ، فما لها عنده قدر ولا وزن من الصغر، فلهى عنده أصغر من حصاة في الحصى، ومن مقدار نواة في النوى، ما خلق الله عز وجل فيما بلغنا أبغض إلى اله تعالى منها، ما نظر إليها منذ خلقها، ولقد عرضت على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بمفاتيحها وخزائنها، لا ينقصه ذلك عند الله جناح بعوضة، فأبى أن يقبلها، وما منعه من القبول لها – مع مالا ينقصه الله شيئا مما عنده كما وعده – إلا أنه علم أن الله عز وجل أبغض شيئا فأبغضه، وصغر شيئا فصغره، ولو قبلها كان الدليل على محبته قبوله إياها، ولكنه كره أن يخالف أمره، أو يحب ما أبغض خالقه، أو يرفع ما وضع مليكه.
وكان في آخر هذه الرسالة:
ولا تأمن أن يكون هذا الكلام حجة عليك،نفعني الله وإياك بالموعظة، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

كتاب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز


وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الحسن : اكتب إلى يا أبا سعيد بذم الدنيا فكتب إليه:
"أما بعد يا أمير المؤمنين، فإن الدنيا دار ظعن وانتقال، وليست بدار إقامة على حال، وإنما أنزل إليها آدم عقوبة، فاحذرها، فإن الراغب فيها تارك، والغني فيها فقير، والسعيد من أهلها من لم يتعرض لها، إنها إذا اختبرها اللبيب الحاذق وجدها تذل من أعزها، وتفرق من جمعها ، فهي كالسم يأكله من لا يعرفه، ويرغب فيه من يجهله، وفيه والله حتفه، فكن فيها يا أمير المؤمنين كالمداوي جراحه، يحتمي قليلا مخافة ما يكره طويلا، الصبر على لأوائها أيسر على احتمال بلائها، واللبيب من حذرها ولم يغتر بزينتها، فإنها غدارة ختالة خداعة، قد تعرضت بآمالها، وتزينت لخطابها، فهي كالعروس، العيون إليها ناظرة، والقلوب عليها والهة، وهي – والذي بعث محمدا بالحق- لأزواجها قاتلة، فاتق يا أمير المؤمنين صرعتها، واحذر عثرتها، فالرخاء فيها موصول بالشدة والبلاء، والبقاء مؤد إلى الهلكة والفناء.
واعلم يا أمير المؤمنين أن أمانيها كاذبة، وآمالها باطلة، وصفوها كدر، وعيشها نكد، وتاركها موفق، والمتمسك بها هالك غرق، والفطن اللبيب من خاف ما خوفه الله، وحذر ما حذره، وقدر من دار الفناء إلى دار البقاء، فعند الموت يأتيه اليقين، الدنيا-والله يا أمير المؤمنين- دار عقوبة، لها يجمع من لا عقل له،  وبها يغتر من لا علم عنده، والحازم اللبيب من كان فيها كالمداوي جراحه، يصبر على مرارة الدواء لما يرجو من العافية، ويخاف من سوء عاقبة الدار، والدنيا-وايم الله يا أمير المؤمنين- حلم، والآخرة يقظة، والمتوسط بينهما الموت، والعباد في أضغاث أحلام، وإني قائل لك يا أمير المؤمنين ما قال الحكيم:
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة    وإلا فإني لا إخالك ناجيا
ولما وصل كتابه إلى عمر بن عبد العزيز بكى  وانتحب حتى رحمه من كان عنده وقال: يرحم الله الحسن، فإنه لا يزال يوقظنا من الرقدة، وينبهنا من الغفلة، ولله هو من مشفق ما أنصحه وواعظ ما أصدقه وأفصحه. 

Aucun commentaire:

يــــــــــارب

اللهم إني أستغفرك لكل ذنب خطوت إليه برجلي..
أو مددت إليه يدي.. أو تأملته ببصري.. أو أصغيت إليه بأذني.. أو نطق به لساني..
أو أتلفت فيه ما رزقتني ثم استرزقتك على عصياني فرزقتني ثم استعنت برزقك على عصيانك..
فسترته علي وسألتك الزياد ة فلم تحرمني ولا تزال عائدا علي بحلمك وإحسانك..
يا أكرم الأكرمين اللهم إني أستغفرك من كل سيئة ارتكبتها في بياض النهار وسواد الليل
في ملأ وخلاء وسر وعلانية.. وأنت ناظر إلي اللهم إني أستغفرك من كل فريضة أوجبتها علي في آناء الليل والنهارتركتها خطأ أو عمدا أو نسيانا أوجهلا
وأستغفرك من كل سنة من سنن سيد المرسلين وخاتم النبيين سيدنا محمد صلى الله عليه
و على أله وصحبه وسلم تركتها غفلة أو سهوا أو نسيانا أو تهاونا أو جهلا أو قلة مبالاة بها
.. أستغفر الله .. وأتوب إلى الله..
مما يكره الله قولا وفعلا ..
وباطنا وظاهر ا